يُثني المُنتدى على دعوة رئيس الدولة مساء أمس لوقف عمليّة تشريع التعديلات الأساسيّة في نظام الحكم في إسرائيل بواسطة أغلبيّة الائتلاف الحكوميّ فقط، وعلى أنّ مثل هذه التغييرات الأساسيّة يجب أن تتمّ عبر التوافق الواسع. ونُثني أيضًا على تأكيده بأنّ مُجمل أجزاء التعديلات المقترحة يثير تخوّفًا كبيرًا من المسّ بالأسس الديمقراطيّة التي تقوم عليها دولة إسرائيل، وعلى تأكيد الرئيس للأهميّة الكبرى من وراء وجود سلطة قضائيّة مهنيّة ومُستقلّة وغير تابعة. كما يهمّنا أن نُثني على أقوال الرئيس بأنّ أيّ تغيير يُنوى إجراؤه يجب أن يستند إلى تشريع قانون أساس: القضاء. نحن نعي أنّ الرئيس لم يتطرّق إلى التفاصيل واكتفى بعرض مبادئ عامّة فقط. لكنّنا نعتقد مع هذا أنّ المقترح الذي طرحه غير كافٍ على عدّة مستويات حاسمة.
أوّلًا، يفتقر مقترح الرئيس إلى أيّ تطرّق للشروط الأدنى المطلوبة في نظام حُكم ديمقراطيّ بكلّ ما يتعلّق بحماية حقوق الفرد. نحن نعتقد بوجوب تشريع قانون أساسيّ يُبلور ويصيغ حقوق الفرد إلى جانب قانون أساس: القضاء الذي سيُبيّن ويُحدّد الإجراءات اللازمة لتشريع القوانين الأساسيّة.
ثانيًا، يُفيد مقترح رئيس الدّولة بتحصين وحماية القوانين الأساسيّة من الرقابة القضائيّة في حال أنّها شُرّعت وفق الإجراءات العينيّة التي ستُوضع. لكن مع ذلك، سيكون بالإمكان المسّ بالحقوق الأساسيّة بواسطة تشريع قانون أساس عينيّ ومن ثمّ تحصينه في وجه الرقابة القضائيّة، وخصوصًا في ظلّ غياب تشريع أساسيّ يُبلور ويصيغ حقوق الإنسان.في مثل هذه الوضعيّة، لن يكون بالإمكان القبول بتسوية تُحصّن القوانين الأساسيّة من الرقابة القضائيّة بشكل تامّ.
ثالثًا، يطرح مقترح الرئيس إمكانية تثبيت منظومة تَغلُب على قرار حُكم يقضي ببُطلان القانون في ضمن قانون أساس: القضاء، وذلك عبر "توفير أغلبيّة ومسار يجري الاتفاق عليهما بالتراضي والحوار". لكن، ومن دون علاقة بالصعوبة العامّة الكامنة في فقرة التغلّب، فإنّ هذا الاقتراح لا يحوي أيّ تقييد على الحقوق التي يُمكن التغلّب عليها. ونحن نشدّد هنا على وجود حقوق أساسيّة لا يمكن التغلّب عليها في نظام حكم ديمقراطيّ حتى بقرار من الأغلبيّة، إلى جانب وجود "قواعد لُعبة" تقف على رأسها إجراء انتخابات متكافئة وحُرّة لا يمكن التغلّب عليها أو تجاوزها.
رابعًا، مقترح الرئيس لتركيبة لجنة اختيار القضاة لا يُزيل المخاوف القائمة في المقترحات الحاليّة التي بادر إليها الائتلاف الحكوميّ. ونخصّ بالذكر مقترح "المُساواة بين السّلطات"، الذي من الممكن أن يؤدّي في واقع الأمر إلى سيطرة الائتلاف الحكوميّ على زمام عملية التعيينات، لأنّ ممثلي الائتلاف البرلمانيّ سينضمّون إلى اللجنة بطبيعة الحال كمُمثّلين للحكومة. وعليه، فإنّ المبدأ الناظم الأساسيّ لكلّ تركيبة مقترَحة للجنة اختيار القضاة، يجب ألّا يحوي أغلبيّة مُطلقة للائتلاف، أو الحرص على ضرورة وجود أغلبيّة خاصّة لاختيار القضاة بحيث لا يكون بوسع الائتلاف الحكوميّ تعيينهم وحده.
خامسًا، يقترح الرئيس أن تُقبل تفاصيل مُجمل التغييرات عبر توافق واسع، إلّا أنّه لا يوفر مسار مبادئ إجرائيّة لتحقيق مثل هذا التوافق، بما يضمن تمثيلًا للأقليّات. زدْ على ذلك أنّ ثمة أهميّة خاصّة الآن للحرص على الالتزام بإجراء مسار مُتّزن وجذريّ وموضوعيّ، وأنّ أيّ تغيير لن يكون ساريًا قبل انتخاب الكنيست القادم.
وعليه، نحن نعتقد أنّ مقترح الرئيس كما هو يتبنّى كنقطة انطلاق الكثيرَ من الفرضيات الأساسيّة الخطيرة الكامنة في المقترحات الحاليّة التي قدّمها الائتلاف الحكوميّ، وأنّ أيّ مسار للتحاور يجب أن يتطرّق إلى هذه الفرضيّات الأساسيّة وأن يوفّر ردًّا عليها.
للوثيقة كاملة:
Commentaires